د. عدنان عويّد
لقد كان للفيسلوف العربي العقلاني ابن رشد, موقفا كلامياً وفقهياً من مسألة القضاء والقدر, أو ما يسمى عند علماء الكلام بالتجوز, أي القول بأن كل شيء في هذا الكون مخلوق لله, وبالتالي كل حركات الإنسان وسكناته مسجلة في لوح محفوظ. مع إنكار طبائع الأشياء وأسباب قيامها, فالله في مسألة التجويز والقدرة, قادر على أن يخلق (من الفارة جملاً أو العكس) على سبيل المثال هنا لا الحصر.
وهذا هو مبدأ التجويز الذي لا يؤمن كما قلنا بثبات سمات وخصائص الأشياء, وأن للجينات تأثير على في المورثات, ولقانون الجاذبية دور سقوط الأشياء من علِ, وغي ذلك من قوانين في الطبيعة والمجتمع اثبتتها الخبرة والتجربة الإنسانيتين.
منطلقاً في بناء موقفه العقلاني هذا في رفضه أو إنكاره لهذا الموقف الجبري التجويزي الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى إنكار دور العقل الإنساني وحرية الإرادة الإنسانية باعتماده على مسألتين هما: الأولى قوله بالحكمة الإلهية في الخلق:
وهي القول بأن الله هو خالق هذا الكون بنظامه وبطبيعة الأسباب المتحكمة في هذا النظام . وبالتالي فإن مسألة نظام هذا الكون القائم على (السببية) يؤكد وجود الله وقدرته وحكمته في خلق الكون على سنة ثابته, (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً.). الفتح- 23.
إن الله عز وجل وفق هذه الرؤية له سنة ثابته في خلقه لهذا الكون, قائمة على النظام وليس على الفوضى في الخلق من جهة, ومن جهة أخرى إن كل ما يقوم بخلقه له أسبابه, وهناك آلية عمل أو ميكانزيم تتحكم في حركة الظواهر أي مخلوقاته وتطورها وتبدلها, ولم يكن الله بخلقه عبثياً ومزاجياً, وهذا ما أكده العلم وتطوره المستمر من حيث سمات وخصائص وطبائع المخلوقات, فعلم الجينات استطاع أن يبين لنا الكثير من السمات والخصائص والطباع البيولوجية للإنسان والنبات والحيوان على سبيل المثال لا الحصر. الثانية المصالح والغايات من وراء الخلق:
فالله جل جلاله لا يخلق من أجل التسلية وإثبات الذات وإدهاش الآخرين وتبيان قدرته في الخلق حتى يقنع الاخرين به وقبول عبادته والانصياع لأوامره. (إن الله غني عن العالمين).
وإنما الخلق عنده وراءه مصالح الناس وحاجاتهم من أجل البقاء وإعمار هذه الحياة, فالإنسان خليفة الله على هذه الأرض وهو الذي سخر له هذا الكون بكل ما فيه لمصلحته ورعايته,.
2018-04-15