بعد تفجُّر ثورة 14 فبراير/ شباط عام 2011 في البحرين، شعر النظام السعودي بخطورتها على أمنه الخاص، وقال يومها نايف بن عبد العزيز (الرجل الأقوى هناك): إن أمن البحرين من أمن الرياض.. وبهذا حدد طبيعة مستوى التعامل مع مطالب شعب البحرين، التي كانت تصرّ على إسقاط النظام، وهو الهدف الأول والأخير للثورة.
واقع ثورة البحرين أنها ثورة شعبية جاءت كردّة فعل عارمة على التسلُّط والقهر والظلم المتزايد الذي مارسته قبيلة آل خليفة منذ أن غزت البحرين وتمكّنت من الاستيلاء عليها بالقوة في عام 1783، حيث كان آل خليفة يقطنون في منطقة الزبارة في قطر سابقاً.
لم يرد آل سعود ومعهم حكام الخليج ومن خلفهم أميركا وبريطانيا (راعيتا الأنظمة الخليجية) أن يتفهموا حقائق ثورة الغضب البحرينية، فاعتبروا الحدث البحريني مجرد انتفاضة كبقية الانتفاضات التي عجّ بها تاريخ البحرين الحديث، وتنتهي كالعادة؛ بالقمع الشديد، أو باللعبات السياسية عبر الالتفاف على مطالبها، إلا أن خروج المسيرات الضخمة التي وصلت إلى ما يقارب النصف مليون متظاهراً أصاب النظام بحالة من الضعف والهلع النفسي والسياسي.
تطورات الثورة المتسارعة جعلت الأميركان والسعوديين يستعجلون ضرورة توجيه ضربة قاصمة للثورة في بداية شهرها الثاني، وهنا بدأ التحرك الأميركي، وتُوِّج بمجيء وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى البحرين في 12 مارس/ آذار 2011، وبالطبع تمت تغطية التحرُّك بستار من التصريحات السياسية، حتى إنه في 13 من نفس الشهر أعلن سلمان بن حمد؛ ولي عهد النظام، استعداده لتلبية أكثر طلبات الجمعيات السياسية، إلا أن موقف "جمعية العمل الإسلامي" التي عبّر عنها قائدها – المعتقَل حالياً – العلامة المحفوظ وموقف شباب الثورة أحبطا هذا المسعى، فتوضحت الأمور بشكل جلي بعد يومين من مجيء الوزير الأميركي بدخول قوات الاحتلال السعودي إلى البحرين.
بمجرد دخول تلك القوات، شاركت فوراً في القمع والمواجهة الشرسة في الشوارع والميادين، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، كما قام مرتزقة النظام الخليفي بحركة قمع طائفية شديدة بهدم 38 مسجداً وعدد من الأضرحة، وتخريب العديد من المواقع التابعة للحسينيات، واعتقال المئات من قادة وكوادر ونشطاء الثورة من الجنسين.
كان الهدف الحقيقي لتدخُّل القوات السعودية إنهاء الثورة سريعاً، لئلا تنتقل شرارتها إلى شرق الجزيرة العربية، لكن ما حدث هو العكس تماماً، فبعد دخول القوات السعودية استشعر سكان المنطقة الشرقية بضرورة مساندة أهلهم في البحرين، وأعلنوا في مظاهرات كبرى وقوفهم إلى جنب شعب البحرين في صراعه، ورفضهم لذلك التدخل، وكان لخطب القائد الجماهيري آية الله الشيخ نمر النمر إلى جنب بيانات القوى الشعبية الأثر الفعال في بدء حراك جديد في المنطقة الشرقية، وهو ما أصاب النظام السعودي والأميركان والإنجليز بمقتل في مخططاتهم التي لم تفلح في إيقاف الثورة في البحرين، ولا في منع انتقال شررها إلى المنطقة الشرقية.