ثقافة المقاومة تحمي مجتمعنا وهي الضمانة ضد الصهيونية
شارل أيوب
منذ 100 سنة وفي سنة 1916 كان الاستعمار الفرنسي البريطاني مع الصهيونية يخططون لتقسيم العالم العربي وضرب طاقاته وتقسيم شعوبه، والتمهيد للصهيونية كي تغتصب فلسطين، لاحقا عبر وعد بلفور، وعبر ارتباط الصهيونية بالاستعمار البريطاني – الفرنسي وهو ما تحقق بعد 100 سنة من اغتصاب لفلسطين وتقسيم للدول العربية وسقوط الأنظمة والاقتتال الداخلي بين الشعوب العربية.
كل من ساير الصهيونية قام بحماية نفسه لعدة سنوات، ثم سقط، وكل من وقف ضد الصهيونية والاستعمار حافظ على وجدان شعبه وبقي في الحكم يقود شعبه بثقافة المقاومة الضامنة للاستمرارية وللوعي للمخطط المجرم ضد بلادنا.
قامت بريطانيا بوضع مصر تحت الحماية العسكرية وقامت فرنسا وبريطانيا بتقسيم سوريا الطبيعية، وتقسيم العالم العربي كله، ولكن الشعوب العربية كانت تتقدم وكانت تستيقظ الى الوعي لخطر الصهيونية، انما الأنظمة كانت متواطئة بعضها مع الصهيونية ومع الاستعمار، فضربت شعوبها واستغلت حالة الطوارئ والحرب مع إسرائيل كي تقمع شعبها، ولا تتركه يثور على المخططات الصهيونية في بلادنا، فيما الصهيونية أعطت الحرية التامة للشعب الإسرائيلي، كي يحتل قرية وراء قرية فلسطينية فيما العرب مكبّلين نتيجة الاستعمار البريطاني – الفرنسي، ونتيجة جهل وتآمر الأنظمة العربية والفرق كان كبيرا بين وعي الشعب العربي وتواطؤ الأنظمة العربية.
ونشأت حركات تحرر كثيرة عربية ضد الصهيونية، لكن الاستعمار والصهيونية اجهضتها واوصلتنا الى آخر محطة وهي جلب الولايات المتحدة لضرب العراق دون سبب وتقسيمه، والى مؤامرة ضد سوريا لانها عامود المقاومة والممانعة الذي يدعم المقاومة في جنوب لبنان في وجه إسرائيل.
ونشأت المقاومة في لبنان سنة 1983 لبنانية صرف وبدأت بتحرير موقع وراء موقع في الجنوب في حرب غير متكافئة بين قوة الجيش الإسرائيلي وقوة المقاومة، ومع ذلك ، ارتكزت المقاومة على ثقافة الممانعة والخضوع والهيمنة، وقاتلت ببسالة وشجاعة في الجنوب حتى استطاعت تحرير ارض الجنوب وتطهيره من الاحتلال الإسرائيلي، وانهزمت إسرائيل سنة 2000 وأعلنت انسحابها من جنوب لبنان والشريط الحدودي الى البقاع الغربي دون قيد او شرط وانتصرت المقاومة في تحرير الجنوب وهو اول انتصار في التاريخ منذ 100 سنة تستطيع فيه قوة عربية تحرير ارض عربية دون ان ترتدّ إسرائيل على هذه القوة التي احتلت الأرض، وتضربها وتسيطر عليها. لكن إسرائيل انسحبت من جنوب لبنان والبقاع الغربي ولم تستطع العودة لان المقاومة كانت قد وجهت ضربات عنيفة الى الصهيونية وإسرائيل، وجعلت من جيشها يخسر مئات الافراد وآلاف الجرحى، بشكل لم تعد إسرائيل تتحمل حرب استنزاف في جنوب لبنان.
ثقافة المقاومة والوعي ضد الصهيونية التي ارساها حزب الله كانت ثقافة جذرية عميقة في شعبنا، فقدم الشهداء وقدم التضحيات وقاتل وما تراجع، ودفع اغلى الاثمان، في حين ان أنظمة عربية كانت ضده تتحالف مع اميركا والصهيونية ضد المقاومة اللبنانية كي تجهضها، وتطلق على حزب الله حزب إرهابي وتقوم بتجفيف الأموال عنه، وتقوم بمحاربته في كل أنواع الحروب، وصولا الى حرب تموز 2006، حيث كان يعتقد أولمرت رئيس وزراء العدو الإسرائيلي والقيادة العسكرية الإسرائيلية ان قوة الجيش الإسرائيلي قادرة على ضرب المقاومة اللبنانية خلال أيام، وتفاجأ العدو الاسرائيلي بتشبث المقاومة بالأرض، وتفاجأ بالاقتتال الشرس التي استعملت فيه المقاومة كل أنواع الأسلحة، فحصلت مجزرة دبابات الميركافا الإسرائيلية في سهل الخيام، وتم اسقاط طائرات هليكوبتر، وتم إصابة زورق حربي إسرائيلي قبالة الشواطئ اللبنانية، وقام المجاهدون من المقاومة بردع الهجوم البري الاسرائيلي فهزموه واوقفوه عند حدوده، ولم تستطع إسرائيل بعد 33 يوما ان تنتصر على المقاومة، فخضعت للتفاوض وأعلنت انسحابها الى الخط الأزرق، خط الانسحاب الإسرائيلي، وخضعت للقرار 1701 وزادت المقاومة من قوتها في الجنوب بينما أصيب الكيان الإسرائيلي بارتجاج عميق من جذوره ذلك ان صواريخ المقاومة اصابت القدس والضفة الغربية ونهاريا وحيفا وضربت المستعمرات الإسرائيلية حتى ان الهجرة المعاكسة اليهودية بدأت تحصل ليخرج اليهود من إسرائيل الى العالم الاخر الذين أتوا منه من شتات الأرض.
ما ان انتصرت المقاومة على إسرائيل في حرب تموز 2006 حتى بدأت التخطيط لضرب سوريا، ذلك ان اميركا والصهيونية اعتبروا ان سوريا هي مصدر التسليح لحزب الله، واعتبروا ان اسقاط سوريا يعني قطع الامدادات عن حزب الله، وبالتالي اضعافه ثم انهاءه لاحقا بضربة عسكرية قوية ، بعد اسقاط سوريا، ومرت سوريا منذ عام 2011 حتى عام 2015 في مخاض عسير، وصبت دول العالم ارهابييها بواسطة الصهيونية الى الأراضي السورية والعراقية وخاصة السورية، ودعمت إسرائيل الإسلام التكفيري الإرهابي، كي يكون الصراع سني – شيعي بدل ان يكون عربي – صهيوني، فدعمت إسرائيل بوسائل كثيرة مع دول إقليمية وعربية داعش وجبهة النصرة، وما كان للجيش السوري بسهولة ان يتصدّى لمؤامرة كونية عليه من كل دول العالم لولا صمود رجال الجيش العربي السوري والمجاهدون الشجعان من حزب الله، وحصلت خسائر في صفوف الجيش العربي السوري وانحسار في السيطرة العسكرية لكن النظام صمد والجيش العربي السوري صمد بقوة حزب الله، وكانت دول العالم لا تريد ومنها اطراف لبنانية ان يتدخل حزب الله في سوريا، ولو لم يتدخل حزب الله في سوريا وفق ثقافة المقاومة انه حيث يجب ان يكون حزب الله يجب ان يكون ويقاتل فان حزب الله كان قد خسر كثيرا من هيبته وثقافته ودوره الأساسي، لكن حزب الله اندفع ليقاتل عن عامود ومحور الممانعة والمقاومة سوريا، وهذا دوره أدى الى صمود الجيش العربي السوري حيث اشتركا في معارك ضد الإرهابيين التكفيريين وضد غارات إسرائيلية يتم الإعلان عنها الان وضد خليط منم المنظمات الإرهابية التكفيرية التي لم تترك خيرا في سوريا الا واحرقته وذبحت الأطفال وقتلت المدنيين وارتكبت مجازر لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإسلامي والعربي
الضمانة كانت ثقافة المقاومة وقاتلت الجيش العربي السوري تحت ثقافة المقاومة، لكن رأس الحربة في ثقافة المقاومة كان حزب الله وكان القوة الأساسية التي تتدخل وتكون رأس حربة وتقدم التضحيات فيما السخرية والشماتة في بيروت ودول عربية تقوم بعد عدد الشهداء من حزب الله كأنما هذا مغنم للدول العربية وليس ربح للصهيونية، فإسرائيل تريد ان تلغي سوريا من الخريطة كي تقنع العالم بأن الجولان اصبح جزء من إسرائيل وانه لا توجد دولة سورية كي تطالب بالجولان، واستغلت إسرائيل حرب العراق وسوريا وحزب الله لتبني المستوطنات ولتلغي مفاوضات التسوية مع السلطة الفلسطينية، وهو عصر ذهبي للصهيونية لولا اننا ندرك ان المقاومة ليست مقاومة لحماية بنت جبيل ففي جذور وجدان شعبها ومجاهديها فلسطين وفلسطين تأتي الاولوية عندها وطريقها الى فلسطين، وليس الان وليس بعد 10 سنوات، الا انه كما خططوا خلال 200 سنة و300 سنة لاغتصاب فلسطين، نحن حربنا طويلة الأمد من اجل تحرير فلسطين، وروحية المقاومة لم تنشأ لتنطفىء بل روحية المقاومة نشأت من اجل البقاء بوجدان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، للاستنفار والتدريب والقتال مع روحية وثقافة المقاومة لتحرير فلسطين مهما طال الزمان .
ان ضمانتنا هي ثقافة المقاومة وليست المقاومة، ان هذه الثقافة الواعية للصهيونية ولمخططاتها، والتي تسبقها في التخطيط والتي تمنع أي اختراقات لها صهيونية، والتي تقاوم الصهيونية والمخطط الأميركي وفي ذات الوقت تقف في وجه الأنظمة العربية التي تريد النيل من المقاومة مسايرة لأميركا والصهيونية.
فلتعش المقاومة ولتحيا ناراً ثورية واعية على أساس ثقافة تعرف تجارب التاريخ وتعرف ما يحمل المستقبل من مسؤوليات وعلينا جميعا دعم المقاومة مهما حصل فهي ضمانتنا، وهي درعنا وهي سيفنا، وهي مستقبلنا، وهي الرادع الوحيد بكل معنى الكلمة للمخطط الصهيوني الأميركي الذي يريد تفتيت العالم العربي ليكون مطوعا في يد إسرائيل تحكمه كما تريد.
2016-01-01