بيداء حامد خطورة دور الفن في توجيه الوعي، تأتي بسبب أن عقل المُشاهد يكون في حالة إسترخاء، وهو غالباً ما يفتح الفلم أو المسلسل بهدف التسلية وليس للتحليل والنقد والتعمق، لذلك يُمكن تمرير الأفكار له مع حبات اللب أو الشامية التي يلتهمها أثناء ذلك وهو غافل ومبتهج. ? وهذا يجعل الفن بالطبع سلاح ذو حدين، وأهميته وخطورته لهما نفس القوة. ◀️ توصلت دراسة أمريكية على المجتمع الصيني، الى أن الأفكار الثقافية الغربية تصبح أكثر جاذبية في الصين عندما يجري بثها عبر كوريا الجنوبية، وعلى هذا الأساس نصح جوزيف ناي، عراب الحروب الناعمة، بإستخدام هذا الإسلوب بالشرق الأوسط، وقال أن المجتمعات تشعر بالقلق تجاه كسر عاداتها وثقافتها وقيمها الأخلاقية عندما تأتي من مصدر غريب، ومن الضروري الإستعانة بوكيل ثقافي مقبول محلياً. ◀️ وهكذا تكفلت إمبراطورية الإعلام الإم بي سي السعودية بإغراق الفضائيات العربية بالمسلسلات التركية التي إستطاعت أن تجذب نحو 85 مليون مشاهد عربي معظمهم من النساء والشباب. وحاولت التماهي مع المشاهد ليشعر بأنها تنتمي لمجتمعه، فتمت الدبلجة باللهجة السورية المحببة، وتضمنت المسلسلات التركية بعض التقاليد الشرقية والإسلامية مثل إحترام المسنين وتشابه الأسماء وإرتداء الحجاب ◀️ وفي ثنايا هذا الجو المألوف، يتم تقديم دور المرأة بإسلوب الحياة الغربية وقيمها والعلاقات الجنسية وشرب الكحول والإجهاض. هذا المزيج جعل البرامج تظهر مألوفة ومثيرة للجماهير حتى في البيئات المحافظة وتوفر المسلسلات رؤية بديلة للعالم وبخاصة النساء. ? حين يكون التخلف نعمة! الفن العراقي مثل كل القوى الناعمة بالمجتمع، تعرض للتجريف والتكميم والتشوية في العهد البائد، وجعله ذلك متخلفاً بمراحل عن مثيله في المنطقة، لذلك عندما تحاول القنوات المعادية أن تصنع وكيلاً عراقياً لتمرير أجندتها، ينفذون ذلك بشكل مُنفِر وفج وغالباً ما يتسبب برد فعل عكس المطلوب! ? ملاحظة أخيرة أنا لست ضد تطوير المجتمع والعادات والتقاليد لنتأقلم مع متطلبات الحاضر، لكني ضد فرض ذلك من الخارج وبمواصفات سامة لا تمت لإرثنا بصلة وتحولنا بالتالي الى كائنات هلامية لا ماض لها ولا مستقبل وتشعر بالإغتراب في أوطانها. بإختصار نحن لسنا مضطرين لأن يصبح غريب الأطوار أو البذئ والىىىوقي هو القدوة الثقافية لأجيالنا. 2022-07-08