الزلزال الفرنسي!
زيد النابلسي
أولى نتائج الحماقة والرعونة الأمريكية التي توقعناها من وراء دفع روسيا للحرب على حساب اقتصادات الدول الأوروبية ظهرت في فرنسا، حيث خسر الرئيس ماكرون أغلبيته البرلمانية في تقدم ساحق لتحالف القوى اليسارية، بينما فازت غريمته “مارين لو پن” بحوالي تسعين مقعداً في البرلمان الفرنسي بعد أن كان لها مجرد تسعة مقاعد في انتخابات 2017، في ما يعتبره المراقبون زلزالاً غير مسبوق في تاريخ السياسة الفرنسية…
السيدة “مارين لو پن” شخصية مثقفة ومتزنة تحب بلادها وتريد الحفاظ على هوية فرنسا وثقافة وطريقة حياة الفرنسيين المميزة، وبالتالي من أهم برامجها هو العمل على الحد من الهجرة المنفلتة إلى فرنسا لأقوامٍ يكرهون فرنسا، بل يكرهون الحياة بحد ذاتها، إضافة إلى إعلانها الصريح بأنها تؤيد إقامة علاقات طبيعية مع روسيا وإيران وتؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الاحتلال…
هذا هو السبب الذي جلب التهمة الجائرة لهذه المرأة بأنها عنصرية، مع أنه وبالرغم من أن “مارين لو پن” لم تتفوه في حياتها بجملة واحدة فيها مجرد إيحاءات عنصرية، إلا أن الإعلام المأجور دأب على وصمها بتهمة لا أساس لها من الصحة بأنها يمينية “متطرفة”، وهذه كذبة كبيرة ومنتشرة، علماً بأن مارين الإبنة على خلاف كبير مع والدها “جان ماري لو پن” المتهم بالعنصرية ولا تكلمه ولا يوجد بينهما علاقة سياسية أو عائلية…
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صبر أكثر من ثماني سنوات على استفزازات راعي البقر الأمريكي الأهوج على حدود بلاده يبتسم اليوم ابتسامة كبيرة وهو يراقب هذا الزلزال السياسي في واحدة من أكبر وأهم الدول الأوروبية…
فالخطة المرسومة لتدمير اقتصاد روسيا وتركيعها فشلت فشلاً ذريعاً، حيث يتمتع الروبل بأعلى أسعاره ويتضاعف مدخول روسيا من بيع النفط والغاز، بينما في ذات اللحظة تعاني الدول التي ضمرت لبوتين العداء من تضخم أسعار السلع الأساسية وخطر الركود الاقتصادي المتفاقم…
نتمنى أن تكون هذه هي بداية الصحوة – ولو كانت متأخرة – للشعوب الأوروبية على طريق التخلص من السياسيين التابعين والخانعين لأهواء راعي البقر الأرعن الذي استفز المارد الروسي على حسابهم وأشعل الحرب في عقر دارهم ولا زال ينوي القتال حتى آخر جندي أوكراني…
.2022-06-21